إدارة نفايات مواقع البناء

إدارة نفايات مواقع البناء| نصائح واستراتيجيات

تُعدّ نفايات مواقع البناء والهدم (CDW) إحدى أبرز التحديات البيئية والاقتصادية التي تواجه المملكة العربية السعودية في ظل التوسع العمراني غير المسبوق والمشاريع التنموية الضخمة التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030. فمع التقدم العمراني الهائل في مدن مثل الرياض وجدة ونيوم ومشروعات البنية التحتية العملاقة، تتزايد كميات هذه النفايات بشكل كبير لتُشكل عبئًا كبيرًا على الموارد الطبيعية والبنية التحتية لإدارة نفايات مواقع البناء.   ولا تقتصر هذه المشكلة على تكدس المخلفات في المرادم، بل تمتد آثارها السلبية لتشمل تلوث التربة والمياه الجوفية والهواء، استنزاف الموارد الطبيعية كـ الرمال والحصى، وزيادة انبعاثات الغازات الدفيئة التي تُساهم في تغير المناخ. إن الإدارة غير الفعّالة لهذه النفايات لا تُكلّف المملكة أموالاً طائلة فحسب، بل تُعيق أيضًا تحقيق أهداف التنمية المستدامة المنشودة في رؤية 2030، وتُهدد صحة الإنسان والأنظمة البيئية.   لذا، أصبح إيجاد حلول مستدامة ومبتكرة لإدارة نفايات مواقع البناء في السعودية أمرًا حتميًا وضروريًا. ويتطلب ذلك تطوير استراتيجيات فعّالة ومتكاملة للتعامل مع هذه النفايات، بدءًا من تقليلها في المصدر، مرورًا بفصلها وتصنيفها، وصولاً إلى تعظيم الاستفادة منها. وتُعدّ إعادة التدوير إحدى الركائز الأساسية لهذه الاستراتيجيات؛ حيث يمكن تحويل جزء كبير من هذه النفايات إلى مواد بناء جديدة أو استخدامات أخرى قيمة، مما يُقلل من الحاجة إلى المواد الخام الطبيعية ويُخفض من كمية النفايات.   أنواع النفايات في مشاريع البناء وأثرها على إدارة نفايات مواقع البناء تُعدّ أنواع النفايات في مشاريع البناء متنوعة ومتعددة، وهذا منطقي نظراً إلى تنوع المواد المُستخدمة في أعمال البناء مما يُشكل تحديًا كبيرًا لعمليات إدارة نفايات مواقع البناء، ويمكن تصنيف هذه النفايات إلى عدة فئات رئيسية، مما يسهل التعامل معها وتطبيق استراتيجيات فعّالة كالتالي: مواد البناء: تشمل المواد الشائعة المستخدمة في التشييد مثل الخرسانة، الطوب، الأسمنت، الخشب، المعادن (حديد التسليح، الألومنيوم)، الزجاج، ومختلف أنواع البلاستيك. هذه الفئة تُشكل نسبة كبيرة من النفايات ويمكن إعادة تدوير جزء كبير منها. مواد التجريف: تتكون هذه الفئة من المواد الطبيعية التي تُزال أثناء تحضير الموقع، مثل الأتربة، الصخور، جذوع الأشجار، والمخلفات النباتية. ومعظمها لايُشكل خطراً ويمكن في كثير من الأحيان إعادة استخدامها في أعمال الردم أو تحسين التربة. النفايات الخطرة: تُعدّ هذه النفايات من أخطر الأنواع وتتطلب معالجة خاصة وفصلًا دقيقًا نظرًا لمخاطرها على صحة الإنسان والبيئة. تشمل مواد مثل الأسبستوس، الرصاص، الدهانات والمذيبات، مصابيح الفلورسنت، وبعض أنواع الزيوت.  ويعتبر التخلص السليم من هذه المواد الخطرة مجالًا تُفيد فيه شركات تنظيف البيئة، ويخضع التخلص من هذه المواد الخطرة إلى قوانين صارمة من قبل الجهات المختصة بالمملكة العربية السعودية. مواد نفايات الهدم: هذه الفئة خاصة بالمخلفات الناتجة عن إزالة المباني والمنشآت، وتتكون هذه النفايات من خليط من مواد البناء التي كانت تُشكل المبنى (كـ الخرسانة والطوب والخشب)، وقد تحتوي أيضًا على نفايات خطرة أو مواد معالجة كانت جزءًا من الهيكل الأصلي. لذا، تتطلب هذه المواد فرزًا وعزلًا دقيقًا قبل أي عملية إعادة تدوير. المواد المعالجة التي تحتوي على مواد خطرة: تشمل مواد مثل الأخشاب المعالجة كيميائيًا، بعض أنواع الزجاج أو البلاستيك الخاصة، والخلطات البيتومينية التي تحتوي على قطران الفحم. هذه المواد تتطلب أيضًا إجراءات خاصة في إدارة نفايات مواقع البناء لضمان التخلص الآمن منها. الفهم لأنواع النفايات في مشاريع البناء وتصنيفها بشكل دقيق يُعدّ خطوة جوهرية لتطوير استراتيجيات مستدامة لتقليل النفايات في المصدر، أو إعادة تدويرها بفعالية، مما يُسهم في تعزيز كفاءة إدارة نفايات مواقع البناء وتحقيق الأهداف البيئية والاقتصادية للمشاريع.   استراتيجيات فعّالة لإدارة النفايات في مواقع البناء تضمن استراتيجيات إدارة النفايات الفعّالة في مواقع البناء عدة جوانب، تبدأ من تقليل النفايات في مرحلة التصميم، ثم إعادة استخدام المواد، وإعادة تدويرها، وأخيرًا التخلص السليم من النفايات المتبقية؛ وذلك لتحقيق أقصى استفادة من الموارد وتقليل الأعباء على المكبات، وينبغي اتباع نهج شامل يركز على التسلسل الهرمي لإدارة نفايات مواقع البناء، بدءًا من المنع والتقليل وصولًا إلى إعادة التدوير والتخلص الآمن.   استراتيجية التقليل في المصدر هي أكثر الطرق فعالية، ويمكن من خلالها تحقيق التخطيط الدقيق للمشروع، تحديد الكميات المطلوبة بدقة لتجنب الشراء الزائد لمواد البناء، واستخدام تقنيات البناء الحديثة التي تقلل الهدر، وتدريب العمال على الممارسات التي تحد من إتلاف المواد،فعلى سبيل المثال، استخدام التصميمات المعيارية يُقلل من النفايات الناتجة عن القص والتعديل في الموقع. التصميمات المعيارية، أو ما يُعرف أيضًا بالتصميمات النموذجية أو الوحداتية، هي نهج في التصميم يعتمد على استخدام أبعاد وأشكال موحدة ومحددة مسبقًا للـ المكونات والعناصر الإنشائية؛ بمعنى أبسط، بدلًا من تصميم كل جزء في المبنى بمقاسات فريدة، يتم استخدام مقاسات “قياسية” أو “وحدات معيارية” متكررة. إعادة الاستخدام  تُعد خطوة بالغة الأهمية في استراتيجيات إدارة نفايات مواقع البناء، فبدلاً من التخلص من المواد الصالحة، يمكن إعادة استخدامها في نفس المشروع أو مشاريع أخرى، ويشمل ذلك الأخشاب المستخدمة في القوالب والسقالات، الطوب السليم، المعادن، وبعض الأبواب والنوافذ،  وتتطلب هذه الاستراتيجية تخزينًا وتنظيمًا جيدًا للمواد القابلة لإعادة الاستخدام في الموقع. إعادة التدوير هى أحد المحاور الرئيسية لإدارة نفايات مواقع البناء، فعلى سبيل المثال يُمكن إعادة تدوير نسبة كبيرة من نفايات البناء، مثل الخرسانة والطوب لتحويلها إلى ركام يستخدم في أعمال الطرق أو الأساسات، كما يُمكن صهر الحديد والنحاس والألومنيوم وإعادة تصنيعها، وتطلب إعادة التدوير فرزًا دقيقًا للنفايات في الموقع أو في محطات مخصصة لضمان جودة المواد المعاد تدويرها.   المعالجة والتخلص الآمن هذا النوع من الاستراتيجيات يتم استخدامه في التعامل مع النفايات التي لا يمكن تقليلها أو إعادة استخدامها أو إعادة تدويرها÷ وهنا يجب أن يتم التخلص من هذه النفايات بطرق آمنة ومستدامة، مع إعطاء الأولوية للمعالجة التي تُقلل من حجمها أو سُميتها قبل دفنها في مدافن صحية مصممة خصيصًا؛ حيث أن النفايات الخطرة، تتطلب بروتوكولات صارمة لجمعها ونقلها والتخلص منها وفقًا للوائح البيئية المحلية والدولية.    التخطيط والمراقبة المستمرة يجب وضع خطة شاملة لإدارة النفايات قبل بدء المشروع، تشمل تقدير كميات وأنواع النفايات المتوقعة، تحديد مسؤوليات الفرز والتخزين، وتعيين مقاولين متخصصين في جمع ونقل النفايات. كما أن المراقبة الدورية لسير العمل وتسجيل كميات النفايات المنتجة يساعد في تقييم فعالية الاستراتيجيات المتبعة وتعديلها لتحقيق أفضل النتائج.   دور الحاويات في إدارة نفايات مواقع البناء تلعب الحاويات دورًا محوريًا وأساسيًا في نجاح إدارة نفايات مواقع البناء؛ حيث أنها ليست مجرد أوعية لتجميع المخلفات، بل تُعتبر جزءًا لا يتجزأ من أي خطة استراتيجية تهدف إلى تقليل الهدر وزيادة عمليات إعادة التدوير، مما يساعد على زيادة كفاءة المشروع وتحقيق أهدافه البيئية والاقتصادية، ويتم ذلك بعدة طرق:    – تعمل الحاويات على تسهيل عملية  الفرز من المصدر وهو موقع البناء  من خلال توفير حاويات متعددة ومحددة بوضوح (سواء بألوان مختلفة، أو أحجام متباينة، أو